تلك اللحظات
صفحة 1 من اصل 1
تلك اللحظات
قابلها أمام مدرج ( د ) في الكلية ، توقفت فجأة أمامه ، سألته عن أحواله وأحوال زوجته وأولاده ، تحدثت بالفعل كأستاذة دكتورة ، نبراتها قوية حادة كسكين يشق الكلمات شقا دون اعوجاج وسط سيل الكلمات المنبعث من جموع الطلاب حولهما المتجمعين أمام المدرجات ، عهدها دائما لبقة ، أما هو فكان موظفا إداريا تابعا لمكتب حرس أمن الكلية ، تفحصها خلسة أثناء حديثها ، ازدادت جمالا عن طفولتها ، ذلك الشعر الأسود المتطاير000 كان معكوفا لأعلى ، عكفته لتبدو أكثر وقارا ، يعلم أنه يتطاير كخيوط الحرير ، تلك العينان الواسعتان لوجه مستدير وغمازتين لا يمكن أن ينساهما أو ينسى ملمسهما ، كانتا دائما تستهويانه 00تجعلان قلبه يرتفع في الهواء ثم ينفلق لجزأين كحبة الفستق 00تبدو هادئة ، تتصرف كأن شيئا جميلا لم ينشأ بينهما في يوم من الأيام أو أنها لا تتذكر شيئا 000 ، قامتها الطويلة تجعلها تتحرك كفرس عربي أصيل مفتول العضلات ، يتابعها كل يوم أثناء خروجها من الكلية 00 في يدها حقيبتها( السمسونايت ) الرمادية اللون ، دائما جميلة وتزداد جمالا ، يزداد هو قصرا ، كرشه الذي يتراقص أمامه من تحت فانلته الزرقاء المتواضعة أعطاه عرضا فقصرا وشعره المجعد وأنفه الغليظة ونظارته ذات الإطار الأسود والعدسات السميكة جعلته شخصا دميما منفّرا ، رغم ذلك كان هناك تناسق بين مظهره ومظهر زوجته حيث كانت تشبهه كثيرا 0
ما زالت تحدثه بصلابة ، حدثته باقتضاب حازم عن أسرتها وأولادها ، دعته لتعارف عائلي قالت الجيرة القديمة ثم الزمالة تقتضي ذلك ، هز رأسه مؤيدا كلامها ، عقله ما زال تائها داخل بؤرة ضبابية معتمة ، نظرات مهزوزة غير واثقة خرجت منه ، سببها عقله الشارد في تلك اللحظات السالفة ؛ كسحابة مغيمة على عقله تفصله عن كلامها وعن ضجيج المدرجات ، تجعله كأنه داخل بلورة زجاجية محكمة الغلق على شكل كرة حيث لا يصل الهواء حتى إليه ، يشعره ذلك أنه على وشك الاختناق ، تطير به ، تأخذه بعيدا في رحلة داخل اللاوعي ، تذكّره بلحظات رائعة من حياته ، بينما هلوسة غير مرغوبة تطارد تلك الأفكار الجميلة لتخرجها من عقله ، تقنعه أن تلك اللحظات من حياته لم تحدث أصلا ، تقول له يجب أن تفيق ، تحاول محوها من ذاكرته إلى الأبد ، تقول له ما هي إلا أحلام يقظة كتلك التي تراوده كثيرا في حياته ثم يكتشف بعدها أنها حيل مفتعلة من عقله الباطن ، يفتضح أمرها عند أول اصطدام بالواقع 000 نبرات صوتها القوية الواثقة غير المرتعشة التي تخاطبه بها تعزز ذلك ، كأن شيئا مما في عقله لا أساس له من الصحة 0
ما زالت رحلة اللاوعي تحلق به عاليا ، تهبط به في مهج الطفولة ، أصوات الميكروفونات تضجّ في أذنه ، تعلن عن وصول البلورة رقم (9999) بسلام ، يهبط منها ، يجد نفسه على ذلك السلم في بيت في شارع فرعي من شارع رئيسي لا يذكر اسمه 000 ترتفع ضحكات أطفال وضجيج من حوله 00 تتبخر في الحال كدخان شيشة ، تتركه على السلم في صمت من أسفله ومن أعلاه ، ينظر للباب المرتفع على النظام الأثري القديم والمغلق أمامه ، تفوح منه رائحة ندية كرائحة الذكريات ، يصعد دورا آخر وعينيه ما زالت معلقة على الباب المغلق ، شقته تعلو شقتها ، يتذكر ألعاب الصبية الصغار الغميضة وكهرب والسمكة في الوسط والحجلة مع أطفال توافدوا من البيت والبيوت المجاورة ومن البعد حيث ناصية الشارع الفرعي الطويل ، يحدثون معا ضجيجا مزعجا يتفاخرون به أمام ضجيج الشوارع المجاورة ، لم يكونوا قد وصلوا إلى هذا السن التي يعلن فيها الأهل البدء في سحب بناتهم الواحدة تلو الأخرى كلاعبات كرة يقرر المدرب سحبهن من المباراة فجأة أثناء اللعب دون إبداء الأسباب ، أو عندما ينظرون إلي باقي اللاعبين ويلمحون ذلك الزغب الخفيف كزغب الطيور الوليدة و قد بدأ يغطى أعلى شفاههم العليا كوباء يتفشى بين الأولاد فيفضل الأهل سحب بناتهم من بينهم خوفا من العدوى ، أحب اللعب معها ، يعجبه الطريقة التي يهتز بها شعرها شديد التهدل وقد يحالفه الحظ ويمسكه أثناء اللعب ويفركه بيده ليشعر بنعومته ، لعل من أجل ذلك فقط لم يكن يلعب إلا معها وربما كانت تحس به عندما يمسك بأطراف شعرها ولا يتوقف عن التحديق به من شدة لمعانه ونعومته ، ما زال يتذكر ذلك اليوم فوق السطح 000 كان ما حدث مختلفا عن أي يوم آخر 000 الجو غروبا والشفق قد سكب مشروبه على الكون من حولهما ، عندما أخذت تتأمله قليلا مبتسمة وفجأة قبلته على خده قبلة حانية أحس على إثرها بسخونة وطراوة لذيذة على خده ، قالت له ( هل تعرف أنت تشبه ذلك الممثل السينمائي ـ لا أذكر اسمه - الذي نشاهده في الأفلام العربية ، عندما أنظر إليك أشعر أنني أشاهد فيلما سينمائيا ) قالت ذلك وعيناها تكاد تثقب عينه ، تحركت يده بارتعاش وتردّد وأمسكت شعرها كما اعتاد أن يفعل دون أن تلاحظ أو ظنا منه أنها لا تلاحظ ، بدا كنسيج ناعم من خامة غريبة الصنع معقود حوله أصابعه 00 طبع قبلة مرتعشة خجولة غير مصدقة على شفتيها 00 عندما فعل ذلك اندفعت من أمامه خجلة وقد تورد وجهها بلون الشفق هابطة درجات السلم في ارتباك 00 في عينيها كان هناك نظرة وعلى شفتيها ابتسامة شعر معها أن الشمس تعود من غروبها وتضئ السماء له وحده بوهج يعمي الأبصار ، 00 تابعها تختفي من أمامه ، أحسّ أنّ فيها شيئا جديدا ، شعر أنها ازدادت طولا عمّا كانت عليه من قبل 00 تذكر ما قالته له من أنه يشبه ذلك الممثل السينمائي 00ماذا كان اسمه؟!! لم تذكره له 00بعد هذا اليوم ولفترة ظل يتعامل مع الناس كنجم سينمائي كبير منتظر ، غير أنه عندما نظر إلى المرآة لم يستطع تحديد من هو ذلك الممثل الذي يشبهه ، لم يعد يرها كثيرا كما اعتاد دائما ، اختفت عن الأنظار ، يسمع صوتها فقط في صعوده ونزوله من وراء الجدران ، عندما سأل عنها أجابته أختها الكبيرة00 قالت ( آسفة إنها مشغولة الآن بأشغال في البيت ) كان على شفتيها تلك الابتسامة الغامضة التي لم يفهم مغزاها و نظرة غريبة أحس أنها تتجه إلى ذلك الشعر الخفيف الذي بدأ ينمو أعلى شفته العليا ، أغلقت الباب وانغلقت أشياء كثيرة داخله ، غير أنه لمحها تجلس لمشاهدة التلفاز وقد التقت نظراتهما لوهلة ثم توارت خلف الباب الخشبي الأثري العملاق ، ذلك الوجوم والضيق غير المفهومين عششا داخل نفسه ، لم يدر ما سببهما ، لم يكن يفكر إلا في تلك القبلة فوق السطح ، و جملة واحدة تعيد نفسها سبعين مرة في الدقيقة الواحدة مع كل نبضة من قلبه ( أنت تشبه ذلك الممثل الذي نشاهده في الأفلام العربية ) ويعاود تأمل نفسه في المرآة محاولا إيجاد النجم خلف هذا الوجه ، ربما هذا ما يريده منها أن تخبره باسمه أو تشير له عليه في جهاز التلفاز ثم تنصرف ولا شيء بعد ذلك 0000وبينما ينظر لنفسه في المرآة كل قليل لا يكف عن التدقيق في هذا الشعر الآخذ في التزايد فوق فمه حتى صار خطا غليظا ذو لون أسود قاتم ، انتقلت مع أهلها بعد فترة في شقة كبيرة بحي فاخر 00 بعدها بلغه أنها تزوجت طبيبا كبيرا ، وها هي واقفة أمامه الآن تحدثه بتلك اللكنة الصارمة التي تختلف عن تلك الطريقة التي عهدها بها 000عندما رآها وقد كبرت وأصبحت هكذا امرأة ناضجة مثيرة لم يكن يرى فيها إلا تلك اللحظات 00 وشيئا آخر00 لم يخبره أحد غيرها أنه يشبه نجما سينمائيا 00 يتمنى أن تتوقف عن ذلك الأسلوب الحاد الذي تتحدث به ، أن تقول له ما زلت تشبه ذلك النجم 00 هي فقط تراه هكذا ، أن تبتسم تلك الابتسامة وتتلامس خدودهما مرة أخرى وتقول له هل تتذكر تلك اللحظات ؟ غير أنها مسترسلة في حديثها الجاد الذي لم يسمع منه شيئا 000 ربما أن كل هذا بالفعل ما هو غير أحلام اليقظة ومن صنع خياله وأن تلك المرأة الواقفة أمامه لم يجر بينهما أي شيء قبل ذلك 00 إنه مقتنع بشيء مؤكد وهو أنه عندما ينظر في المرآة لا يرى غير هذا الشخص دميم الوجه ذو الشعر المجعد والأنف الغليظ والنظارات السميكة وأنه لا يشبه أي نجما سينمائيا ، وربما حديثها الجاد الآن يؤكد عدم صدق ما يروجه عقله له 00 أجابها منتبها نعم نعم سنأتي أنا والأسرة إن شاء الله ، ردت عليه باقتضاب : أنتظر ذلك في القريب وانصرفت 00تابعها بعينيه وهي تمشي في ثقة امرأة قوية متحدية يتدفق جمالها منها بلا حدود ،. تبتعد كشمس تغرب 0000 ولكن التفاتة صغيرة منها فجأة نحوه وتلك النظرة المرتبكة التي تبدت منها فهزّت خطواتها الواثقة عندما اكتشفت أنه يتابعها ، ثم تلك الابتسامة القديمة التي أرادت أن تعالج بها ارتباكها و التي أفلتت منها دون أن تشعر جعلته متأكدا الآن أن ما حدث بينهما لم يكن حلم يقظة بل لحظات جميلة مرت في حياته ولا يمكن لعقله المريض المخادع أو حتى هي بنبرتها المصطنعة أن تقنعه أن ذلك الأمر لم يحدث قط000وشيء آخر أنه ربما بالفعل يشبه نجما سينمائيا لكنه لا يعرف من هو وعليها هي أن تخبره الآن من هو0
تمت
20/5/2006
بقلم / محمد إبراهيم قشقوش
ما زالت تحدثه بصلابة ، حدثته باقتضاب حازم عن أسرتها وأولادها ، دعته لتعارف عائلي قالت الجيرة القديمة ثم الزمالة تقتضي ذلك ، هز رأسه مؤيدا كلامها ، عقله ما زال تائها داخل بؤرة ضبابية معتمة ، نظرات مهزوزة غير واثقة خرجت منه ، سببها عقله الشارد في تلك اللحظات السالفة ؛ كسحابة مغيمة على عقله تفصله عن كلامها وعن ضجيج المدرجات ، تجعله كأنه داخل بلورة زجاجية محكمة الغلق على شكل كرة حيث لا يصل الهواء حتى إليه ، يشعره ذلك أنه على وشك الاختناق ، تطير به ، تأخذه بعيدا في رحلة داخل اللاوعي ، تذكّره بلحظات رائعة من حياته ، بينما هلوسة غير مرغوبة تطارد تلك الأفكار الجميلة لتخرجها من عقله ، تقنعه أن تلك اللحظات من حياته لم تحدث أصلا ، تقول له يجب أن تفيق ، تحاول محوها من ذاكرته إلى الأبد ، تقول له ما هي إلا أحلام يقظة كتلك التي تراوده كثيرا في حياته ثم يكتشف بعدها أنها حيل مفتعلة من عقله الباطن ، يفتضح أمرها عند أول اصطدام بالواقع 000 نبرات صوتها القوية الواثقة غير المرتعشة التي تخاطبه بها تعزز ذلك ، كأن شيئا مما في عقله لا أساس له من الصحة 0
ما زالت رحلة اللاوعي تحلق به عاليا ، تهبط به في مهج الطفولة ، أصوات الميكروفونات تضجّ في أذنه ، تعلن عن وصول البلورة رقم (9999) بسلام ، يهبط منها ، يجد نفسه على ذلك السلم في بيت في شارع فرعي من شارع رئيسي لا يذكر اسمه 000 ترتفع ضحكات أطفال وضجيج من حوله 00 تتبخر في الحال كدخان شيشة ، تتركه على السلم في صمت من أسفله ومن أعلاه ، ينظر للباب المرتفع على النظام الأثري القديم والمغلق أمامه ، تفوح منه رائحة ندية كرائحة الذكريات ، يصعد دورا آخر وعينيه ما زالت معلقة على الباب المغلق ، شقته تعلو شقتها ، يتذكر ألعاب الصبية الصغار الغميضة وكهرب والسمكة في الوسط والحجلة مع أطفال توافدوا من البيت والبيوت المجاورة ومن البعد حيث ناصية الشارع الفرعي الطويل ، يحدثون معا ضجيجا مزعجا يتفاخرون به أمام ضجيج الشوارع المجاورة ، لم يكونوا قد وصلوا إلى هذا السن التي يعلن فيها الأهل البدء في سحب بناتهم الواحدة تلو الأخرى كلاعبات كرة يقرر المدرب سحبهن من المباراة فجأة أثناء اللعب دون إبداء الأسباب ، أو عندما ينظرون إلي باقي اللاعبين ويلمحون ذلك الزغب الخفيف كزغب الطيور الوليدة و قد بدأ يغطى أعلى شفاههم العليا كوباء يتفشى بين الأولاد فيفضل الأهل سحب بناتهم من بينهم خوفا من العدوى ، أحب اللعب معها ، يعجبه الطريقة التي يهتز بها شعرها شديد التهدل وقد يحالفه الحظ ويمسكه أثناء اللعب ويفركه بيده ليشعر بنعومته ، لعل من أجل ذلك فقط لم يكن يلعب إلا معها وربما كانت تحس به عندما يمسك بأطراف شعرها ولا يتوقف عن التحديق به من شدة لمعانه ونعومته ، ما زال يتذكر ذلك اليوم فوق السطح 000 كان ما حدث مختلفا عن أي يوم آخر 000 الجو غروبا والشفق قد سكب مشروبه على الكون من حولهما ، عندما أخذت تتأمله قليلا مبتسمة وفجأة قبلته على خده قبلة حانية أحس على إثرها بسخونة وطراوة لذيذة على خده ، قالت له ( هل تعرف أنت تشبه ذلك الممثل السينمائي ـ لا أذكر اسمه - الذي نشاهده في الأفلام العربية ، عندما أنظر إليك أشعر أنني أشاهد فيلما سينمائيا ) قالت ذلك وعيناها تكاد تثقب عينه ، تحركت يده بارتعاش وتردّد وأمسكت شعرها كما اعتاد أن يفعل دون أن تلاحظ أو ظنا منه أنها لا تلاحظ ، بدا كنسيج ناعم من خامة غريبة الصنع معقود حوله أصابعه 00 طبع قبلة مرتعشة خجولة غير مصدقة على شفتيها 00 عندما فعل ذلك اندفعت من أمامه خجلة وقد تورد وجهها بلون الشفق هابطة درجات السلم في ارتباك 00 في عينيها كان هناك نظرة وعلى شفتيها ابتسامة شعر معها أن الشمس تعود من غروبها وتضئ السماء له وحده بوهج يعمي الأبصار ، 00 تابعها تختفي من أمامه ، أحسّ أنّ فيها شيئا جديدا ، شعر أنها ازدادت طولا عمّا كانت عليه من قبل 00 تذكر ما قالته له من أنه يشبه ذلك الممثل السينمائي 00ماذا كان اسمه؟!! لم تذكره له 00بعد هذا اليوم ولفترة ظل يتعامل مع الناس كنجم سينمائي كبير منتظر ، غير أنه عندما نظر إلى المرآة لم يستطع تحديد من هو ذلك الممثل الذي يشبهه ، لم يعد يرها كثيرا كما اعتاد دائما ، اختفت عن الأنظار ، يسمع صوتها فقط في صعوده ونزوله من وراء الجدران ، عندما سأل عنها أجابته أختها الكبيرة00 قالت ( آسفة إنها مشغولة الآن بأشغال في البيت ) كان على شفتيها تلك الابتسامة الغامضة التي لم يفهم مغزاها و نظرة غريبة أحس أنها تتجه إلى ذلك الشعر الخفيف الذي بدأ ينمو أعلى شفته العليا ، أغلقت الباب وانغلقت أشياء كثيرة داخله ، غير أنه لمحها تجلس لمشاهدة التلفاز وقد التقت نظراتهما لوهلة ثم توارت خلف الباب الخشبي الأثري العملاق ، ذلك الوجوم والضيق غير المفهومين عششا داخل نفسه ، لم يدر ما سببهما ، لم يكن يفكر إلا في تلك القبلة فوق السطح ، و جملة واحدة تعيد نفسها سبعين مرة في الدقيقة الواحدة مع كل نبضة من قلبه ( أنت تشبه ذلك الممثل الذي نشاهده في الأفلام العربية ) ويعاود تأمل نفسه في المرآة محاولا إيجاد النجم خلف هذا الوجه ، ربما هذا ما يريده منها أن تخبره باسمه أو تشير له عليه في جهاز التلفاز ثم تنصرف ولا شيء بعد ذلك 0000وبينما ينظر لنفسه في المرآة كل قليل لا يكف عن التدقيق في هذا الشعر الآخذ في التزايد فوق فمه حتى صار خطا غليظا ذو لون أسود قاتم ، انتقلت مع أهلها بعد فترة في شقة كبيرة بحي فاخر 00 بعدها بلغه أنها تزوجت طبيبا كبيرا ، وها هي واقفة أمامه الآن تحدثه بتلك اللكنة الصارمة التي تختلف عن تلك الطريقة التي عهدها بها 000عندما رآها وقد كبرت وأصبحت هكذا امرأة ناضجة مثيرة لم يكن يرى فيها إلا تلك اللحظات 00 وشيئا آخر00 لم يخبره أحد غيرها أنه يشبه نجما سينمائيا 00 يتمنى أن تتوقف عن ذلك الأسلوب الحاد الذي تتحدث به ، أن تقول له ما زلت تشبه ذلك النجم 00 هي فقط تراه هكذا ، أن تبتسم تلك الابتسامة وتتلامس خدودهما مرة أخرى وتقول له هل تتذكر تلك اللحظات ؟ غير أنها مسترسلة في حديثها الجاد الذي لم يسمع منه شيئا 000 ربما أن كل هذا بالفعل ما هو غير أحلام اليقظة ومن صنع خياله وأن تلك المرأة الواقفة أمامه لم يجر بينهما أي شيء قبل ذلك 00 إنه مقتنع بشيء مؤكد وهو أنه عندما ينظر في المرآة لا يرى غير هذا الشخص دميم الوجه ذو الشعر المجعد والأنف الغليظ والنظارات السميكة وأنه لا يشبه أي نجما سينمائيا ، وربما حديثها الجاد الآن يؤكد عدم صدق ما يروجه عقله له 00 أجابها منتبها نعم نعم سنأتي أنا والأسرة إن شاء الله ، ردت عليه باقتضاب : أنتظر ذلك في القريب وانصرفت 00تابعها بعينيه وهي تمشي في ثقة امرأة قوية متحدية يتدفق جمالها منها بلا حدود ،. تبتعد كشمس تغرب 0000 ولكن التفاتة صغيرة منها فجأة نحوه وتلك النظرة المرتبكة التي تبدت منها فهزّت خطواتها الواثقة عندما اكتشفت أنه يتابعها ، ثم تلك الابتسامة القديمة التي أرادت أن تعالج بها ارتباكها و التي أفلتت منها دون أن تشعر جعلته متأكدا الآن أن ما حدث بينهما لم يكن حلم يقظة بل لحظات جميلة مرت في حياته ولا يمكن لعقله المريض المخادع أو حتى هي بنبرتها المصطنعة أن تقنعه أن ذلك الأمر لم يحدث قط000وشيء آخر أنه ربما بالفعل يشبه نجما سينمائيا لكنه لا يعرف من هو وعليها هي أن تخبره الآن من هو0
تمت
20/5/2006
بقلم / محمد إبراهيم قشقوش
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى