وقفـة مع ألفـاظ الإلـزام فى القـرآن الكريم
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
وقفـة مع ألفـاظ الإلـزام فى القـرآن الكريم
ورد فى القرآن الكريم عدد من الألفاظ يجمعها قاسم لغوى مشترك ، يدل على الإرتباط والإلتزام والإحكام كألفاظ ( العقد – العهد – البيع – الميثاق – الإصر ) والحديث حول هذه الألفاظ الخمسة يتناول دلالتها اللغوية والمعانى التى أتت عليها فى القرآن وبعض الفروق الدلالية بينها .
** لفظ الإصر : أصل هذه المادة مأخوذ من الضيق والحبس ، يُقال : أصر يأصره ، إذا حبسه وضيق عليه فالإصر ما يؤصر به أى ما تربط به الأشياء واشتقاقه من (الإصار) وهو ما يُعقد ويُسد به ثم استعمل مجازا فى العهد والميثاق المؤكد .
وهذا اللفظ ورد فى القرآن ثلاث مرات فقط ، جاء فى كل مرة بمعنى :
الأول : العهد وعلى هذا المعنى جاء قوله تعالى وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي ) – (آل عمران:81) أى عهدى .
الثانى : العقوبة على الذنب وعليه جاء قوله تعالى : ( رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا ) – (البقرة:286)
أى عقوبة ذنب يشق علينا .
الثالث : الشدة والثقل فى الأحكام وعليه قوله تعالى : ( وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ ) – (الأعراف:157)
أى ما كلفوا به من تكاليف ثقيلة وشديدة يشق عليهم القيام بها .
** لفظ البيع : البيع إعطاء المثمَّن وأخذ الثمن والشراءعكسه ، ويُقال للبيع : الشراء ، وللشراء : البيع ، وذلك بحسب ما يتصور من الثمن والمثمَّن وبايع الناس السلطان : لإذا التزموا بذل الطاعة له ويُقال لذلك : بيعة ومبايعة ومن هذا اللفظ اشتق مصطلح (البيعة) و (المبايعة) وهما مصطلحان إسلاميان يدلان على العملية التى يتم من خلالها اختيار إمام المسلمين .
ولفظ البيع كاسم ورد فى القرآن ثلاث مرات منها قوله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ ) - (البقرة : 275) وورد كفعل خمس مرات منها قوله سبحانه : ( وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ ) – ( البقرة : 282 ) ولفظ البيع فى القرآن ورد على أربعة أوجه :
أولها : معنى الفداء ومنه قوله تعالى : ( مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ ) – ( البقرة : 254 ) أى : لا فداء فيه ومثله فى سورة إبراهيم .
ثانيها : معنى البيعة وهى أخذ المواثيق والعهود ومنه قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ) – ( الفتح : 10) - إشارة إلى ما جرى فى بيعة الرضوان وأخبر عنه القرآن فى قوله تعالى :
( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) – ( الفتح : 18 ) .
ثالثها : عملية البيع نفسها ومنه قوله تعالى : ( وأحل الله البيع ) – وهو البيع المعروف المقابل للشراء .
رابعها : البيعة بكسر الباء ، مكان عبادة النصارى وقد جاء فى قوله تعالى : ( لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ ) – ( الحج : 40 ) .
** لفظ العقد : (العقد) لغة الجمع بين أطراف الشئ ويستعمل ذلك فى الأجسام الصلبة كعقد الحبل ، تقول : عقدت الحبل أعقده عقدا ، إذا شددت بعضه إلى بعض . وربطته ربطا محكما ، ومنه العقدة ثم استعير ذلك المعنى المادى للعقد لمعان معنوية كعقد البيع وعقد النكاح وعقد اليمين بمعنى الحلف ، فيقال عاقدته وعقدته وتعاقدنا وعقدت يمينه ، والعقد يجمع على عقود ، والمعاقدة : المعاهدة .
ولفظ العقد جاء فى القرآن فى سبعة مواضع ، وجاء فى جميع تلك المواضع بمعناه المعنوى إلا موضعا واحدا جاء بمعناه المادى ، أما مواضعه المعنوية فجاء فى موضعين منها كفعل ، أحدهما قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ ) – (النساء : 33) ، وجاء فى أربعة منها كإسم منه قوله تعالى وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ) - ( البقرة :235 ) .
أما المعنى المادى الذى جاء عليه هذا اللفظ فهو قوله تعالى : ( وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ) – (الفلق : 4)
والعقد جمع عقدة وذلك أنهن كن ينفثن فى عقد الخيوط حين يسحرن بها .
والمواضيع المعنوية التى جاء فيها لفظ العقد فى القرآن أفادت المعانى التالية :
أولا : عقد اليمين بمعنى الحَلف ومنه قوله تعالى وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ ) – (المائدة:89)
أى اليمين التى يؤاخذ بها الإنسان فى حال عدم الإلتزام بها .
ثانيا : عقد النكاح : بمعنى عقد الزواج الذى يكون بين الرجل والمرأة وعليه قوله سبحانه : ( وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ) – (البقرة : 235) – أى لا تعقدوا عقد النكاح حتى تُنهى المرأة المعتدة من وفاة عدتها المقررة شرعا .
ثالثا : بمعنى حبس اللسان عن الكلام وعليه قوله تعالى فيما قصه علينا من دعاء موسى عليه السلام : ( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ) – ( طه : 27 ) أى : أطلق عن لسانى العقدة التى فيه .
** لفظ العهد : العهد لغة حفظ الشئ ومراعاته حالا بعد حال ، وسمى الموثق الذى يلزم مراعاته عهدا ومنه قولهم : عهد الرجل يعهد عهدا ، والجمع عهود ومنه اشتقاق العهد الذى يكتب للولاة والمعاهد فى عرف الشرع يختص بمن يدخل من الكفار فى عهد المسلمين .
وأهل العهد هم المعاهدون والمصدر المعاهدة أى إنهم يعاهدون على ما عليهم من جزية . فإذا أسلموا ذهب عنهم اسم المعاهدة ، والعهدة : الكتاب الذى يستوثق به فى البيعات .
ولفظ العهد ورد فى القرآن فى نحو أربعين موضعا منها أربعة عشر موضعا ورد كفعل كما فى قوله تعالى : ( أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً ) – (البقرة:100) وورد فى المواضيع المتبقية كإسم منها قوله تعالى : ( وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) – ( البقرة : 40 ) ولفظ العهد فى القرآن ورد على ستة أوجه :
أولها : الإمامة وعليه فُسِّر قوله تعالى ( لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) – (البقرة :124) – قال مجاهد : لايكون إمام ظالما وهذا على قول فى تفسير العهد فى الآيه .
ثانيها : الميثاق ومنه قوله تعالى : ( الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ ) – ( البقرة : 27 ) يعنى ميثاقه الذى واثقهم به ومثله قوله تعالى : ( أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا ) – ( البقرة : 80 ) – أى موثقا .
ثالثها : الأمر ومنه قوله تعالى : ( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ) – (البقرة :125)
أى أمرنا إبراهيم وإسماعيل بتطهير البيت الحرام من الأوثان والأنجاس .
رابعها : الحلف ومنه قوله تعالى : (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ ) – (النحل : 91) أى : أوفوا بالأيمان التى تحلفون بها ولا تنكثوا بها ومنه أيضا قوله سبحانه : ( وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ ) – (التوبة : 75) أى حلف بالله
خامسها : التوحيد وعليه قوله تعالى : ( لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ) – (مريم : 87) – يعنى التوحيد والعمل الصالح ، قال ابن عباس رضى الله عنه : العهد شهادة أن لا إله إلا الله ويبرأ إلى الله من الحول والقوة ، ولا يرجو إلا الله سبحانه .
سادسها : الوفاء بالأمانة ومنه قوله تعالى : ( وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ ) – (الأعراف : 102) أى وفاء وأمانة .
** لفظ الميثاق : أصل مادة ( وثق ) يدل على العقد والإحكام ، تقول : وثقت به أثق ثقة : إذا سكنت إليه واعتمدت عليه وتقول : أوثقته : إذا شددته برباط .
والوثاق : اسمان لما يوثق به الشئ والميثاق : العهد المحكم ويجمع على مواثيق والوثقى تأنيث الأوثق .
وهذا اللفظ ورد فى القرآن فى تسع وعشرين موضعا كإسم ( الميثاق ) فى ثلاثة وعشرين موضعا منها قوله تعالى : ( الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِه) – (البقرة : 27) – والموثق ورد فى موضعين أحدهما قوله سبحانه : ( حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللّهِ ) – (يوسف : 66) ، والوثاق ورد أيضا فى موضعين أحدهما قوله تعالى : ( فَشُدُّوا الْوَثَاقَ ) – (محمد : 4) ، والوثقى فى موضعين أحدهما قوله تعالى فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ ) – (البقرة : 256) – ولم يرد هذا اللفظ كفعل إلا فى موضعين أحدهما قوله سبحانه : ( وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ ) – (المائدة : وثانيهما قوله تعالى : (وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ) – (الفجر : 26) .
وتفسير لفظ الميثاق فى القرآن جاء على وجوه :
أولها : بمعنى العهد المؤكد باليمين من ذلك قوله تعالى : ( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ) أى لا يوفون بما عاهدوا الله عليه من الإلتزام بأحكام ما شرعه لهم ، وعلى هذا المعنى جاء أغلب استعمال هذا اللفظ فى القرآن .
ثانيها : بمعنى الحلف وعليه قوله تعالى : ( حتى تؤتون موثقا من الله ) أى حتى تحلفوا بالله لتأتنى بيوسف عليه السلام .
ثالثها : بمعنى العقد وعليه قوله تعالى : ( وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ) – (النساء : 21) أى عقد الزواج الذى يجرى بين الزوجين وهذا المعنى مروى عن ابن عباس رضى الله عنه ومجاهد وغيرهما .
رابعها : بمعنى الهدنة والمعاهدة ومنه قوله سبحانه : (فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ ) – (الأنفال : 72) – أى : بينكم وبينهم هدنة ومعاهدة ومثله قوله سبحانه فى كفارة القتل : ( وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ ) – (النساء : 92) .
خامسها : بمعنى اسم الشئ الذى يُشد به ومنه قوله تعالى : ( فشدوا الوثاق ) – أى : أحيطوهم ربطا بالوثاق .
سادسها : بمعنى الربط والشد بإحكام وهو قوله سبحانه : ( ولا يوثق وثاقه أحد ) – أى : لا يتولى ربط الكافر بالوثاق أحد غيره سبحانه .
سابعها : بمعنى الإيمان والإسلام وعليه قوله سبحانه : ( فقد استمسك بالعروة الوثقى ) – أى : استمسك بالإيمان والإسلام فلا يضل بعد وهذا على وجه فى تفسير ( الوثقى ) .
*****************************************************
** لفظ الإصر : أصل هذه المادة مأخوذ من الضيق والحبس ، يُقال : أصر يأصره ، إذا حبسه وضيق عليه فالإصر ما يؤصر به أى ما تربط به الأشياء واشتقاقه من (الإصار) وهو ما يُعقد ويُسد به ثم استعمل مجازا فى العهد والميثاق المؤكد .
وهذا اللفظ ورد فى القرآن ثلاث مرات فقط ، جاء فى كل مرة بمعنى :
الأول : العهد وعلى هذا المعنى جاء قوله تعالى وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي ) – (آل عمران:81) أى عهدى .
الثانى : العقوبة على الذنب وعليه جاء قوله تعالى : ( رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا ) – (البقرة:286)
أى عقوبة ذنب يشق علينا .
الثالث : الشدة والثقل فى الأحكام وعليه قوله تعالى : ( وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ ) – (الأعراف:157)
أى ما كلفوا به من تكاليف ثقيلة وشديدة يشق عليهم القيام بها .
** لفظ البيع : البيع إعطاء المثمَّن وأخذ الثمن والشراءعكسه ، ويُقال للبيع : الشراء ، وللشراء : البيع ، وذلك بحسب ما يتصور من الثمن والمثمَّن وبايع الناس السلطان : لإذا التزموا بذل الطاعة له ويُقال لذلك : بيعة ومبايعة ومن هذا اللفظ اشتق مصطلح (البيعة) و (المبايعة) وهما مصطلحان إسلاميان يدلان على العملية التى يتم من خلالها اختيار إمام المسلمين .
ولفظ البيع كاسم ورد فى القرآن ثلاث مرات منها قوله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ ) - (البقرة : 275) وورد كفعل خمس مرات منها قوله سبحانه : ( وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ ) – ( البقرة : 282 ) ولفظ البيع فى القرآن ورد على أربعة أوجه :
أولها : معنى الفداء ومنه قوله تعالى : ( مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ ) – ( البقرة : 254 ) أى : لا فداء فيه ومثله فى سورة إبراهيم .
ثانيها : معنى البيعة وهى أخذ المواثيق والعهود ومنه قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ) – ( الفتح : 10) - إشارة إلى ما جرى فى بيعة الرضوان وأخبر عنه القرآن فى قوله تعالى :
( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) – ( الفتح : 18 ) .
ثالثها : عملية البيع نفسها ومنه قوله تعالى : ( وأحل الله البيع ) – وهو البيع المعروف المقابل للشراء .
رابعها : البيعة بكسر الباء ، مكان عبادة النصارى وقد جاء فى قوله تعالى : ( لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ ) – ( الحج : 40 ) .
** لفظ العقد : (العقد) لغة الجمع بين أطراف الشئ ويستعمل ذلك فى الأجسام الصلبة كعقد الحبل ، تقول : عقدت الحبل أعقده عقدا ، إذا شددت بعضه إلى بعض . وربطته ربطا محكما ، ومنه العقدة ثم استعير ذلك المعنى المادى للعقد لمعان معنوية كعقد البيع وعقد النكاح وعقد اليمين بمعنى الحلف ، فيقال عاقدته وعقدته وتعاقدنا وعقدت يمينه ، والعقد يجمع على عقود ، والمعاقدة : المعاهدة .
ولفظ العقد جاء فى القرآن فى سبعة مواضع ، وجاء فى جميع تلك المواضع بمعناه المعنوى إلا موضعا واحدا جاء بمعناه المادى ، أما مواضعه المعنوية فجاء فى موضعين منها كفعل ، أحدهما قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ ) – (النساء : 33) ، وجاء فى أربعة منها كإسم منه قوله تعالى وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ) - ( البقرة :235 ) .
أما المعنى المادى الذى جاء عليه هذا اللفظ فهو قوله تعالى : ( وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ) – (الفلق : 4)
والعقد جمع عقدة وذلك أنهن كن ينفثن فى عقد الخيوط حين يسحرن بها .
والمواضيع المعنوية التى جاء فيها لفظ العقد فى القرآن أفادت المعانى التالية :
أولا : عقد اليمين بمعنى الحَلف ومنه قوله تعالى وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ ) – (المائدة:89)
أى اليمين التى يؤاخذ بها الإنسان فى حال عدم الإلتزام بها .
ثانيا : عقد النكاح : بمعنى عقد الزواج الذى يكون بين الرجل والمرأة وعليه قوله سبحانه : ( وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ) – (البقرة : 235) – أى لا تعقدوا عقد النكاح حتى تُنهى المرأة المعتدة من وفاة عدتها المقررة شرعا .
ثالثا : بمعنى حبس اللسان عن الكلام وعليه قوله تعالى فيما قصه علينا من دعاء موسى عليه السلام : ( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ) – ( طه : 27 ) أى : أطلق عن لسانى العقدة التى فيه .
** لفظ العهد : العهد لغة حفظ الشئ ومراعاته حالا بعد حال ، وسمى الموثق الذى يلزم مراعاته عهدا ومنه قولهم : عهد الرجل يعهد عهدا ، والجمع عهود ومنه اشتقاق العهد الذى يكتب للولاة والمعاهد فى عرف الشرع يختص بمن يدخل من الكفار فى عهد المسلمين .
وأهل العهد هم المعاهدون والمصدر المعاهدة أى إنهم يعاهدون على ما عليهم من جزية . فإذا أسلموا ذهب عنهم اسم المعاهدة ، والعهدة : الكتاب الذى يستوثق به فى البيعات .
ولفظ العهد ورد فى القرآن فى نحو أربعين موضعا منها أربعة عشر موضعا ورد كفعل كما فى قوله تعالى : ( أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً ) – (البقرة:100) وورد فى المواضيع المتبقية كإسم منها قوله تعالى : ( وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) – ( البقرة : 40 ) ولفظ العهد فى القرآن ورد على ستة أوجه :
أولها : الإمامة وعليه فُسِّر قوله تعالى ( لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) – (البقرة :124) – قال مجاهد : لايكون إمام ظالما وهذا على قول فى تفسير العهد فى الآيه .
ثانيها : الميثاق ومنه قوله تعالى : ( الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ ) – ( البقرة : 27 ) يعنى ميثاقه الذى واثقهم به ومثله قوله تعالى : ( أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا ) – ( البقرة : 80 ) – أى موثقا .
ثالثها : الأمر ومنه قوله تعالى : ( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ) – (البقرة :125)
أى أمرنا إبراهيم وإسماعيل بتطهير البيت الحرام من الأوثان والأنجاس .
رابعها : الحلف ومنه قوله تعالى : (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ ) – (النحل : 91) أى : أوفوا بالأيمان التى تحلفون بها ولا تنكثوا بها ومنه أيضا قوله سبحانه : ( وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ ) – (التوبة : 75) أى حلف بالله
خامسها : التوحيد وعليه قوله تعالى : ( لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ) – (مريم : 87) – يعنى التوحيد والعمل الصالح ، قال ابن عباس رضى الله عنه : العهد شهادة أن لا إله إلا الله ويبرأ إلى الله من الحول والقوة ، ولا يرجو إلا الله سبحانه .
سادسها : الوفاء بالأمانة ومنه قوله تعالى : ( وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ ) – (الأعراف : 102) أى وفاء وأمانة .
** لفظ الميثاق : أصل مادة ( وثق ) يدل على العقد والإحكام ، تقول : وثقت به أثق ثقة : إذا سكنت إليه واعتمدت عليه وتقول : أوثقته : إذا شددته برباط .
والوثاق : اسمان لما يوثق به الشئ والميثاق : العهد المحكم ويجمع على مواثيق والوثقى تأنيث الأوثق .
وهذا اللفظ ورد فى القرآن فى تسع وعشرين موضعا كإسم ( الميثاق ) فى ثلاثة وعشرين موضعا منها قوله تعالى : ( الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِه) – (البقرة : 27) – والموثق ورد فى موضعين أحدهما قوله سبحانه : ( حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللّهِ ) – (يوسف : 66) ، والوثاق ورد أيضا فى موضعين أحدهما قوله تعالى : ( فَشُدُّوا الْوَثَاقَ ) – (محمد : 4) ، والوثقى فى موضعين أحدهما قوله تعالى فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ ) – (البقرة : 256) – ولم يرد هذا اللفظ كفعل إلا فى موضعين أحدهما قوله سبحانه : ( وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ ) – (المائدة : وثانيهما قوله تعالى : (وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ) – (الفجر : 26) .
وتفسير لفظ الميثاق فى القرآن جاء على وجوه :
أولها : بمعنى العهد المؤكد باليمين من ذلك قوله تعالى : ( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ) أى لا يوفون بما عاهدوا الله عليه من الإلتزام بأحكام ما شرعه لهم ، وعلى هذا المعنى جاء أغلب استعمال هذا اللفظ فى القرآن .
ثانيها : بمعنى الحلف وعليه قوله تعالى : ( حتى تؤتون موثقا من الله ) أى حتى تحلفوا بالله لتأتنى بيوسف عليه السلام .
ثالثها : بمعنى العقد وعليه قوله تعالى : ( وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ) – (النساء : 21) أى عقد الزواج الذى يجرى بين الزوجين وهذا المعنى مروى عن ابن عباس رضى الله عنه ومجاهد وغيرهما .
رابعها : بمعنى الهدنة والمعاهدة ومنه قوله سبحانه : (فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ ) – (الأنفال : 72) – أى : بينكم وبينهم هدنة ومعاهدة ومثله قوله سبحانه فى كفارة القتل : ( وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ ) – (النساء : 92) .
خامسها : بمعنى اسم الشئ الذى يُشد به ومنه قوله تعالى : ( فشدوا الوثاق ) – أى : أحيطوهم ربطا بالوثاق .
سادسها : بمعنى الربط والشد بإحكام وهو قوله سبحانه : ( ولا يوثق وثاقه أحد ) – أى : لا يتولى ربط الكافر بالوثاق أحد غيره سبحانه .
سابعها : بمعنى الإيمان والإسلام وعليه قوله سبحانه : ( فقد استمسك بالعروة الوثقى ) – أى : استمسك بالإيمان والإسلام فلا يضل بعد وهذا على وجه فى تفسير ( الوثقى ) .
*****************************************************
abdelnabyyousef- عضو فعال
- عدد الرسائل : 87
تاريخ التسجيل : 27/12/2008
وقفة مع الفاظ القرآن
لك منى كل الاحترام والتقدير والاخلاص على
ذوقك وحسك الجميل فى الانتقاء والابداع
كما تعودنامنك دائما
منتديات الصقر نت تحمل الكتير بين صفحاتها وكلها امل وكلها تميز
مع تحياتى
طارق صقر
كاتب قصة
وشاعر
ذوقك وحسك الجميل فى الانتقاء والابداع
كما تعودنامنك دائما
منتديات الصقر نت تحمل الكتير بين صفحاتها وكلها امل وكلها تميز
مع تحياتى
طارق صقر
كاتب قصة
وشاعر
رد: وقفـة مع ألفـاظ الإلـزام فى القـرآن الكريم
مشكور لطرحك هالموضوع ونتمنى المزيد
ayat- عضو نشيط
- عدد الرسائل : 11
تاريخ التسجيل : 21/12/2008
رد: وقفـة مع ألفـاظ الإلـزام فى القـرآن الكريم
شكرا جزيلا على مرورك الكريم والى الأمام من التقدم ومزيد من الموضوعات المفيدة لرفعة المنتدى والله الموفق
abdelnabyyousef- عضو فعال
- عدد الرسائل : 87
تاريخ التسجيل : 27/12/2008
مواضيع مماثلة
» آيات اللطف فى القرآن الكريم
» أرقام عن القرآن الكريم
» لفظ الأمة فى القرآن الكريم
» الآيات الشافية فى القرآن الكريم
» آيــــات الكفاية فى القرآن الكريم
» أرقام عن القرآن الكريم
» لفظ الأمة فى القرآن الكريم
» الآيات الشافية فى القرآن الكريم
» آيــــات الكفاية فى القرآن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى